ضمن اللقاء الدوري الاسبوعي الذي تقوم به الامانة العامة للعتبة العلوية المقدسة مع مسؤولي ومنتسبي العتبة المقدسة ، تحدَّث الامين العام للعتبة سماحة الشيخ ضياء الدين زين الدين حول زيارة الاربعين والاهداف المتوخاة منها وماذا ينبغي على محبي واتباع اهل البيت عليهم السلام ان يستفيدوا من هذه الوقفة المباركة بما تَحْمِلُهُ من مبادئ وقِيَمْ سامية تتجسد في ثورة كربلاء إنتهاءً بالاربعين ومسير سبايا اهل البيت عليهم السلام .
حيث ابتدأ سماحة الشيخ زين الدين حديثه قائلا :" هناك أشكالٌ عِدَّة حول الاربعين ، منها الجانب العاطفي ، حيث إن الانسان عندما يُصاب بأحد أحبته يتجسَّد الحزن خلال اربعين يوما وبعد ذلك ينفض أعباء الحزن عن كاهله.
وأشار زين الدين الى أن هناك شكلٌ آخر اوسع من ذلك ، فلو أخذنا الجانب الاجتماعي وهو ان هناك علاقة ومِفُصل مع الحسين عليه السلام وكربلاء تتجسد بواقعة الطف وصولا الى الاربعين ليكون تتويجا لهذه لقيم والمُثل العليا ولاسيما حين يستذكر المتذكر ماجرى على السبايا والامام زين العابدين عليه السلام " .
وتابع الشيخ زين الدين حديثه بالسؤال قائلا :" أما نحن كشيعة لاهل البيت عليهم السلام مالذي ينبغي علينا ان نجده يوم الاربعين ؟
وفي معرض ردِّه عن ذلك قال :"علينا نحن كمحبين لاهل البيت ان نرجع الى الغايات التي نهض بها الحسين عليه السلام في واقعة كربلاء حيث ان هناك خطأ تأريخي وهو ما يُصوِّر ان لكربلاء جانبا واحدا وهو وقوف الحسين عليه السلام فقط امام الظلمة وحكّام الجور ثم جرى ما جرى عليه من اجل الحق وهذا هو ظاهر الامر ، لكن المسألة هي لماذا اختار الله تبارك وتعالى الحسين عليه السلام ان يُقتل هذه القتلة التي هي حيَّةٌ متجددة تعتمل في النفوس والقلوب ، والجواب هو ان الحسين عليه السلام خامس اصاب الكساء وهو الامام الثالث بعد ابيه وخيه وبذلك فان المسالة لاتَحْمُل بُعداً سياسياً وحسب وانما هو اتجاه عقائدي ضد اتجاه آخر ليقول الحسين عليه السلام (وخُيِّرَ لي مصرع أنا لاقيه) فالاختبار هو اختبار الهي وقد انتقاه الله تبارك وتعالى ليتجسد به النصر الرباني امام الكفر والالحاد" .
واضاف الشيخ زين الدين بالقول :" فمقتل الحسين هو أرفع مايكون ان تتجسد به الحجة الالهية في عالم الانسان ، وان الاستقامة في واقعة كربلاء هي واحدة من الامور التي يجب المرور بها ، فالعقيدة واضحة ونيِّرة وذلك باتباع الحجة الالهية المتمثلة بالحسين عليه السلام ،فلا ينبغي ان تكون هناك إثنينيةٌ فليس هنالك غير الحق الذي كان يُحَرِّك تلك النفوس الطاهرة متمثلة بالموقف الواحد والثابت نحو الله عزوجل ".
وتابع الامين العام حديثه بالقول :" ومن جملة دروس كربلاء هي هذه الحشود الغفيرة التي أقدمت نحو الحسين عليه السلام والتي كان يدفعها ( فطرة الله التي فطر الناس عليها) باعتبار ان الحسين عليه السلام جزء متمثل بالكمال الذي ينشده الانسان ، فهو الصورة المثلى التي إختارها الله تعالى لتكون الانسان الاكمل بعد النبوة والولاية ، وهذا الارتباط هو الذي يجعل هذه النفوس المحبة تسير سيرا حثيثا نحو كربلاء الإباء ".
وختم الشيح زين الدين حديثه بالقول " وبالتالي ينبغي علينا بعد زيارة الاربعين ان نجسِّد هذه القيم السامية في معاملاتنا ، فهذه الشعائر لاتتفعل دون حديث الامام المعصوم ( أحيوا امرنا ) فإذا كانت الزيارة مرتبطة على أساس ثابت من الالتزام فعلينا ان نجسِّد هذا الالتزام في حياتنا اليومية وفي معاملاتنا لنحظى برضى الامام المعصوم ونكون بذلك قد بلغنا الى المستوى المطلوب الذي أراده منَّا الامام الحسين سلام الله عليه .