العربية
100%
مسجد الخضراء

     وهو من المعالم التاريخية المهمة الملحقة بالصحن الحيدري الشريف. ورد في كتاب (معالم المرقد العلوي المطهر) ما نصه: (يقع هذا المسجد في الجهة الشرقية من سور الصحن الشريف على يمين الداخل من باب الساعة. ويُعَدُّ من المساجد القديمة، وقد تعددت الآراء في سبب تسميته، ولا يُعلم على وجه اليقين مَنْ مؤسسهُ. وللمسجد بابان أحدهما يؤدي إلى خارج الصحن، والآخر يؤدي إلى داخل الصحن عند الإيوان الثاني في شمال الجهة الشرقية من السور)(1).

    وفي كتاب (العراق كما رسمه المطراقي زاده) ورد رسم من مجموعة اللوحات التي رسمها المطراقي في رحلته الى العراق سنة 941هـ/1534م يمثل العمارة الإيليخانية للمرقد العلوي المطهر التي اكتملت في سنة 760هـ, وضمن هذه اللوحة هناك ما يشير الى مسجد الخضراء في الوقت الحاضر, وقد وصف الدكتور عماد عبد السلام رؤوف هذا المسجد فقال ضمن كلامه عن ابواب الصحن الشريف ما نصه: (ينفذ الى هذه الأبواب من خلال فناء خارجي, عن يمينه جامع يقوم على مسطبة مرتفعة عن مستوى الأرض, وهو سداسي الأوجه... ويحيط بالمبنى من الأعلى إفريز بلون قرميدي يعلوه إفريز بلون أخضر. وترتفع في وسط السقف رقبة عالية تستند اليها قبة على شكل نصف كرة بلون لازوردي مزخرفة بدوائر, بينما تنتصب عن يمينها مئذنة ذات بدن أخضر مزين بزخرفة نباتية بالبني والأخضر, وحوض مكشوف, وقمة تغطيها قبة منتفخة صغيرة ملونة بالأخضر)(2).  

    وقد جرى العديد من أعمال التجديد والترميم لهذا المسجد عبر القرون المتعاقبة, وفي هذا الصدد قال الشيخ محمد حسين حرز الدين في (تاريخ النجف الاشرف): (وفي سنة 1352هـ- 1934م جُدّد بناء هذا المسجد على نفقة الأوقاف بإشراف ونظر الحاج محسن شلاش النجفي. وفي شهر رجب سنة 1368هـ هدمت الحكومة المحلية ثلثاً من مساحته عند فتح الشارع الجديد العام المحيط بالصحن من جميع جهاته, وبعد ترميم المسجد فتحت له باباً على هذا الشارع الجديد أيضاً. وفي سنة 1384هـ هُدم مسجد الخضراء وتوابعه وشُيّد تشييداً ضخماً بالخرسانة المسلحة فكانت عمارته الجديدة أول عمارة من نوعها يُعمر فيها مسجد في النجف الأشرف ... وكانت عمارة مسجد الخضراء هذه بأمر سماحة المرجع الأعلى رئيس الحوزة العلمية السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي تحت أشراف العلامة الشيخ أحمد الأنصاري)(3).

     وفضلاً عن إقامة صلاة الجماعة كان هذا الجامع مكاناً مفضلاً لدى كبار العلماء لإلقاء الدروس الحوزوية على طلبة العلوم الدينية, يقول السيد عبدالمطلب الخرسان في كتابه (مساجد ومعالم في الروضة الحيدرية المطهرة) ما يأتي: (وكان الإمام الخوئي يؤم الجماعة في هذا المسجد، كما اتخذه مقراً لإلقاء دروسه في الفقه والأصول، حيث تخرّج عليه في هذا المسجد المئات من المجتهدين الذين انتشروا في مختلف البلدان، منهم مراجع التقليد في النجف الأشرف وبعض مراجع التقليد في قم المقدسة. وعندما تدهورت صحة الإمام الخوئي قدس سره وترك التدريس, أقام مكانه صهره آية الله العظمى السيد نصر الله المستنبط قدس سره, وبعد وفاة السيد المستنبط أقام الإمام الخوئي قدس سره سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني دام ظله الوارف للتدريس وإمامة الجماعة, واستمر على ذلك عدة سنوات، ثم قامت إدارة الأوقاف بغلق المسجد بحجة الترميم, فبقي مغلقاً حتى سقوط النظام البائد، وبقي بعد السقوط مغلقاً لدواعٍ أمنية لأنه ينفذ إلى الصحن الشريف, وأعيد افتتاحه بأمر من المرجعية الرشيدة والمتمثلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني, وذلك بتاريخ 1 جمادى الأولى 1427هـ الموافق ليوم الاثنين 29/5/2006م بعد تأهيله وإعادة ترميمه, وقد أقيمت صلاة المغرب والعشاء جماعة بإمامة العلامة السيد حسن المرعشي)(4).