العربية
100%

 [17] ومن كتاب له  (عليه السلام) إلى معاوية، جواباً عن كتاب منه([1])

 

وَأَمَّا طَلَبُكَ إِلَيَّ الشَّامَ، فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ لِأُعْطِيَكَ الْيَوْمَ مَا مَنَعْتُكَ أَمْسِ. وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ الْـحَرْبَ قَدْ أَكَلَتِ الْعَرَبَ إِلَّا حُشَاشَاتِ([2]) أَنْفُسٍ بَقِيَتْ، فَمَنْ أَكَلَهُ الْـحَقُّ فَإِلَى النّارِ. وَأَمَّا اسْتِوَاؤُنَا فِي الْـحَرْبِ والرِّجَالِ، فَلَسْتَ بِأَمْضَى عَلَى الشَّكِّ مِنِّي عَلَى الْيَقِينِ، وَلَيْسَ أَهْلُ الشَّامِ بِأَحْرَصَ عَلَى الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَى الآخِرَةِ.

وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ، فَكَذلِكَ نَحْنُ، وَلكِنْ لَيْسَ أُمَيَّةُ كَهَاشِمٍ، وَلا حَرْبٌ كَعَبْدِالْـمُطَّلِبِ، وَلا أَبُوسُفْيَانَ كَأَبِي طَالِبٍ، وَلا الْـمُهَاجرُ كَالطَّلِيقِ([3])، وَلا الصَّرِيحُ([4]) كَاللَّصِيقِ([5])، وَلا الْـمُحِقُّ كَالْـمُبطِلِ، وَلا الْـمُؤْمِنُ كَالْـمُدْغِلِ([6])، وَلَبِئْسَ الْـخَلَفُ خَلَفٌ يَتْبَعُ سَلَفاً هَوَى فِي نَارِ جَهَنَّمَ. وَفِي أَيْدِينَا بَعْدُ فَضْلُ النُّبُوَّةِ الَّتِي أَذْلَلْنَا بِهَا الْعَزِيزَ، وَنَعَشْنَا([7]) بِهَا الذَّلِيلَ.

وَلـَمَّا أَدْخَلَ اللهُ الْعَرَبَ فِي دِينِهِ أَفْوَاجاً، وَأَسْلَمَتْ لَهُ هذِهِ الأُمَّةُ طَوْعاً وَكَرْهاً، كُنْتُمْ مِمَّنْ دَخَلَ فِي الدِّينِ: إِمَّا رَغْبَةً وَإِمَّا رَهْبَةً، عَلَى حِينَ فَازَ أَهْلُ السَّبْقِ بِسَبْقِهِمْ، وَذَهَبَ الْـمُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ بِفَضْلِهِمْ. فَلاَ تَجْعَلَنَّ لِلشَّيْطَانِ فِيكَ نَصِيباً، وَلا عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلاً، وَالسَّلَامُ.

 


[1] ـ روى صدره إلى قوله  (عليه السلام): «المبطل كالمحق» كل من سليم بن قيس الهلالي (ق 1) في كتابه: 337، والمنقري (ت 212) في وقعة صفين: 471، وابن قتيبة (ت 276) في الإمامة والسياسة 1: 104، والدينوري (ت 282) في الأخبار الطوال: 187، وابن أعثم الكوفي (ت 314) في الفتوح 3: 154، والكراجكي (ت 449) في كنز الفوائد: 201، وروى ذيله: «وأسلمت له هذه الأمة...» المنقري (ت212) أيضاً في وقعة صفين: 150.

[2] ـ حشاشات ـ جمع حشاشة ـ : بقية الروح .

[3] ـ الطليق: الذي اُسر فاطلق بالمنّ عليه أو الفدية، وأبو سفيان ومعاوية كانا من الطلقاء يوم الفتح.

[4] ـ الصريح: صحيح النسب.

[5] ـ اللصيق: من ينتمي إليهم وهو أجنبي عنهم.

[6] ـ المدغل: صاحب الدغل وهو الفساد.

[7] ـ نعشنا: رفعنا .