العربية
100%
بَابُ المُخْتَارِ مِنْ كتب أَمِير المؤمنين (عليه السلام) ورسائله

الرسالة 26: إلى بعض عمّاله، وقد بعثه على الصدقة

[26] ومن عهد له  (عليه السلام)

إلى بعض عمّاله، وقد بعثه على الصدقة

آمرَهُ بِتَقْوَى اللهِ فِي سَرَائِرِ أُمُورِهِ وَخَفِيَّاتِ أَعْمَالِهِ، حَيْثُ لا شَهِيدَ غَيْرُهُ، وَلا وَكِيلَ دُونَهُ. وَآمرَهُ أَلَّا يَعْمَلَ بِشَيْءٍ مِنْ طَاعَةِ اللهِ فِيمَا ظَهَرَ فَيُخَالِفَ إِلَى غَيْرِهِ فِيَما أَسَرَّ، وَمَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ سِرُّهُ وَعَلاَنِيَتُهُ، وَفِعْلُهُ وَمَقَالَتُهُ، فَقَدْ أَدّى الأَمَانَةَ، وَأَخْلَصَ الْعِبَادَةَ. وَآمرَهُ أَلَّا يَجْبَهَهُمْ([1])، وَلا يَعْضَهَهُمْ([2])، وَلا يَرْغَبَ عَنْهُمْ تَفَضُّلاً بِالإِمَارَةِ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُمُ الإِخْوَانُ فِي الدِّينِ، وَالأَعْوَانُ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْـحُقُوقِ.

وَإِنَّ لَكَ في هذِهِ الصَّدَقَةِ نَصِيباً مَفْرُوضاً، وَحَقّاً مَعْلُوماً، وَشُرَكَاءَ أَهْلَ مَسْكَنَةٍ، وَضُعَفَاءَ ذَوِي فَاقَةٍ إِنَّا مُوَفُّوكَ حَقَّكَ، فَوَفِّهِمْ حُقُوقَهُمْ، وَإِلَّا تَفْعَلْ فَإِنَّكَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ خُصُوماً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَبُؤْساً لِـمَنْ خَصْمُهُ عِنْدَ اللهِ الْفُقَرَاءُ وَالْـمَسَاكِينُ وَالسَّائِلُونَ وَالْـمَدْفُوعُونَ وَالْغَارِمُ وَابْنُ السَّبِيلِ!

وَمَنِ اسْتَهَانَ بِالأَمَانَةِ، وَرَتَعَ فِي الْـخِيَانَةِ، وَلَمْ يُنَزِّه نَفْسَهُ وَدِينَهُ عَنْهَا، فَقَدْ أَحَلَّ بِنَفْسِهِ فِي الدُّنْيَا الْـخِزْيَ، وَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَذَلُّ وَأَخْزَى. وَإِنَّ أَعْظَمَ الْـخِيَانَةِ خِيَانَةُ الأُمَّةِ، وَأَفْظَعَ الْغِشِّ غِشُّ الأَئِمَّةِ، وَالسَّلَامُ.

 


[1] ـ لا يجبههم: لا يواجههم بما يكرهونه.

[2] ـ لا يعضههم: لا يرميهم بالبهتان والكذب.