العربية
100%

[34] ومن كتاب له (عليه السلام) إلى محمّد بن أبي بكر([1])

لما بلغه توجّده من عزله بالأشتر عن مصر، ثمّ توفي الأشتر في توجهه إلى هناك قبل وصوله إليها :

وَقَدْ بَلَغَنِي مَوْجِدَتُكَ مِنْ تَسْرِيحِ الأَشْتَرِ إِلَى عَمَلِكَ، وَإِنِّي لَمْ أَفْعَلْ ذلِكَ اسْتِبْطَاءً لَكَ فِي الْـجَهْدِ([2])، وَلا ازدِياداً لَكَ فِي الْـجِدِّ، وَلَوْ نَزَعْتُ مَا تَحْتَ يَدِكَ مِنْ سُلْطَانِكَ، لَوَلَّيْتُكَ مَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكَ مَؤُونَةً، وَأَعْجَبُ إِلَيْكَ وِلَايَةً.

إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي كُنْتُ وَلَّيْتُهُ أَمْرَ مِصْرَ كَانَ رَجُلاً لَنَا نَاصِحاً، وَعَلَى عَدُوِّنَا شَدِيداً نَاقِماً، فَرَحِمَهُ اللهُ، فَلَقَدِ اسْتَكْمَلَ أَيَّامَهُ، وَلاَقَى حِمَامَهُ، وَنَحْنُ عَنْهُ رَاضُونَ، أَوْلَاهُ اللهُ رِضْوَانَهُ، وَضَاعَفَ الثَّوَابَ لَهُ. فَأَصْحِرْ لِعَدُوِّكَ([3])، وَامْضِ عَلَى بَصِيرَتِكَ، وَشَمِّرْ لِـحَرْبِ مَنْ حَارَبَكَ، وَادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ، وَأَكْثِرِ الاسْتِعَانَةَ بِاللهِ يَكْفِكَ مَا أَهَمَّكَ، وَيُعِنْكَ عَلَى مَا يُنْزِلُ بِكَ، إِنْ شَاءَ اللهُ.

 


[1] ـ رواه باختلاف البلاذري (ت 279) في أنساب الأشراف: 396، والثقفي (ت 283) في الغارات 1: 67، عن ابن أبي سيف عن أصحابه، والطبري (ت 310) في تاريخه 4: 72.

[2] ـ الجهد: الطاقة.

[3] ـ أصحر لعدوّك: ابرز له ولا تستتر عنه بالمدينة التي أنت فيها.