العربية
100%

[51] ومن كتاب له  (عليه السلام) إلى عماله على الخراج([1])

مِنْ عَبْدِ اللهِ عَلِيٍّ أَمِيرِالْـمُؤْمِنِينَ إِلَى أَصْحَابِ الْـخَرَاجِ:

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَحْذَرْ مَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ لَمْ يُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ مَا يُحْرِزُهَا. وَاعْلَمُوا أَنَّ مَا كُلِّفْتُمْ يَسِيرٌ، وَأَنَّ ثَوَابَهُ كَثِيرٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيَما نَهَى اللهُ عَنْهُ مِنَ الْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ عِقَابٌ يُخَافُ لَكَانَ فِي ثَوَابِ اجْتِنَابِهِ مَا لا عُذْرَ فِي تَرْكِ طَلَبِهِ.

فَأَنْصِفُوا النَّاسَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، وَاصْبِرُوا لِـحَوَائِجِهِمْ، فَإِنَّكُمْ خُزَّانُ الرَّعِيَّةِ، وَوُكَلاَءُ الأُمَّةِ، وَسُفَرَاءُ الأَئِمَّةِ.

وَلاَ تَحْسِمُوا([2]) أَحَداً عَنْ حَاجَتِهِ، وَلاَتَحْبِسُوهُ عَنْ طَلِبَتِهِ، وَلا تَبِيعُنَّ لِلنَّاسِ فِي الْـخَرَاجِ كِسْوَةَ شِتَاءٍ وَلا صَيْفٍ، وَلا دَابَّةً يَعْتَمِلُونَ عَلَيْهَا، وَلا عَبداً، وَلا تَضْرِبُنَّ أَحَداً سَوْطاً لِـمَكَانِ دِرْهَمٍ، وَلا تَمَسُّنَّ مَالَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، مُصَلٍّ وَلا مُعَاهَدٍ، إِلَّا أَنْ تَجِدُوا فَرَسَاً أَوْ سِلَاحاً يُعْدَى بِهِ عَلَى أَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَإِنَّهُ لا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَدَعَ ذلِكَ فِي أَيْدِي أَعْدَاءِ الإِسْلاَم، فَيَكُونَ شَوْكَةً عَلَيْهِ.

وَلاَ تَدَّخِرُوا أَنْفُسَكُمْ نَصِيحَةً ، وَلا الْـجُنْدَ حُسْنَ سِيرَةٍ ، وَلا الرَّعِيَّةَ مَعُونَـةً ، وَلا دِينَ اللهِ قُوَّةً، وَأَبْلُوا فِي سَبيلِهِ([3]) مَا اسْتَوْجَبَ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ قَدِ اصْطَنَعَ([4]) عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمْ أَنْ نَشْكُرَهُ بِجُهْدِنَا، وَأَنْ نَنْصُرَهُ بِمَا بَلَغَتْ قُوَّتُنَا، وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.

 

 


[1] ـ روى نحوه المنقري (ت 212) في وقعة صفين: 108، والاسكافي (ت 220) في المعيار والموازنة: 122.

[2] ـ لا تحسموا: لا تقطعوا.

[3] ـ أبلوا في سبيله: اصطنعوا من المعروف في سبيل الله.

[4] ـ اصطنعت عنده: طلبت منه أن يصنع لي شيئاً.