[22] ومن خطبة له  (عليه السلام) ([1])

[حين بلغه خبر الناكثين ببيعته]

أَلا وَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ ذَمَّرَ([2]) حِزْبَهُ، وَاسْتَجْلَبَ جَلَبَهُ([3])، لِيَعُودَ الجَوْرُ إِلَى أَوْطَانِهِ، وَيَرْجِعَ البِاطِلُ إِلَى نِصَابِهِ. وَاللهِ مَا أَنْكَرُوا عَلَيَّ مُنْكَراً، وَلا جَعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ نَصَفاً.

وَإِنَّهُمْ لَيَطْلُبُونَ حَقّاً تَرَكُوهُ، وَدَماً هُمْ سَفَكُوهُ، فَلَئِنْ كُنْتُ شَرِيكَهُمْ فِيهِ فَإِنَّ لَـهُمْ لَنَصِيبَهُمْ مِنْهُ، وَلَئِنْ كَانُوا وَلوهُ دُوني؛ فَمَا التَّبِعَةُ إِلَّا عِنْدَهُمْ. وَإِنَّ أَعْظَمَ حُجَّتِهِمْ لَعَلَى أَنْفُسِهِمْ؛ يَرْتَضِعُونَ أُمّاً قَدْ فَطَمَتْ([4])، وَيُحْيُونَ بِدْعَةً قَدْ أُمِيتَتْ.

يا خَيْبَةَ الدَّاعِي! مَنْ دَعَا! وَإِلاَمَ أُجِيبَ! وَإِنِّي لَرَاضٍ بِحُجَّةِ اللهِ عَلَيْهِمْ، وَعِلْمِهِ فِيهِمْ. فَإِنْ أَبَوْا أَعْطَيْتُهُمْ حَدَّ السَّيْفِ، وَكَفَى بِهِ شَافِياً مِنَ البَاطِلِ، وَنَاصِراً لِلْحَقِّ، وَمِنَ العَجَبِ بَعْثُهُمْ إِلَيَّ أَنْ أَبْرُزَ لِلطِّعَانِ، وَأَنْ أصْبِرَ لِلْجِلَادِ! هَبِلَتْهُمُ الهَبُولُ([5])، لَقَدْ كُنْتُ وَمَا أُهَدَّدُ بِالحَرْبِ، وَلا أُرَهَّبُ بِالضَّرْبِ؛ وَإِنِّي لَعَلَى يَقِينٍ مِنْ رَبِّي، وَغَيْرِ شُبْهَةٍ مِنْ دِيني [وَشَكٍّ فِي مُنْطَوَايَ].

[1] ـ وردت هذه الخطبة في مصادر مختلفة بزيادة ونقصان، راجع: الكليني (ت329) في الكافي 5: 53 ح4، والمفيد (ت413) في الارشاد 1: 251، والطوسي (ت460) في الأمالي : 169 ح284، واستشهد ابن الأثير (ت606) ببعض فقراتها في النهاية 2: 167 (ذمر) و5: 240 (هبل) وكذلك ابن منظور (ت711) في لسان العرب. وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج 1: 305: «قد ذكر كثيراً منها أبو مخنف رحمه الله تعالى».

[2] ـ ذمّر: حثّ.

[3] ـ الجَلَب: ما يُجلب، كما يقال: جَمَعَ جَمْعه.

[4] ـ أي يطلبون الشيء بعد فواته، لأنّ الاُمّ إذا فطمت ولدها فقد انقضى إرضاعها.

[5] ـ هبلته اُمّه: ثكلته، والهبول: الثكول التي لم يبق لها ولد.

3 ـ يُستفاد من المصادر انّ المصنف ; جمع هذه الخطبة من خطبتين، الاُولى تنتهي إلى قوله (عليه السلام): «ومرافقة الأنبياء»، والثانية تبدأ من قوله (عليه السلام): «أيّها الناس انّه لا يستغني الرجل ...» إلى تمام الخطبة، ـ كما أشار إليه المحقّق التستري في بهج الصباغة 9: 59 ـ وعلى كلّ حال فقد رواها جمع من المتقدّمين والمتأخّرين بزيادة ونقصان، منهم:

        الحسين بن سعيد الكوفي (ق3) في كتاب الزهد : 106 ح288 الى قوله: «يجمعهما الله لأقوام» رواها عن عليّ بن النعمان، عن ابن مسكان، عن أبي حمزة، عن يحيى، عن عقيل، عن حبشي. والثقفي (ت283) في الغارات : 80 الى قوله: «يجمعهما الله لأقوام» قال: «حدّثنا محمّد، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا إبراهيم، قال: وحدّثني محمّد بن هشام المرادي، قال: أخبرنا أبو مالك عمر بن هشام، قال: حدّثنا ثابت أبو حمزة، عن موسى، عن شهر بن حوشب». واليعقوبي (ت284) في تاريخه 2: 207، والكليني.