العربية
100%

[83] ومن كلام له (عليه السلام) في ذكر عمرو بن العاص([1])

عَجَباً لاِبْنِ النَّابِغَةِ! يَزْعُمُ لاَِهْلِ الشَّامِ أَنَّ فِيَّ دُعَابَةً، وَأَنِّي امْرُؤٌ تِلْعَابَةٌ([2]): أُعَافِسُ وَأُمَارِسُ([3])! لَقَدْ قَالَ بَاطِلاً، وَنَطَقَ آثِماً.

أَمَا ـ وَشَرُّ الْقَوْلِ الْكَذِبُ ـ إِنَّهُ لَيَقُولُ فَيَكْذِبُ، وَيَعِدُ فَيُخْلِفُ، وَيُسْأَلُ فَيَبْخَلُ، وَيَسْأَلُ فَيُلْحِفُ([4])، وَيَخُونُ الْعَهْدَ، وَيَقْطَعُ الإلَّ([5])؛ فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْـحَرْبِ فَأَيُّ زَاجِرٍ وَآمِرٍ هُوَ، مَا لَمْ تَأْخُذِ السُّيُوفُ مَآخِذَهَا، فَإِذَا كَانَ ذلِكَ كَانَ أَكْبَرُ مَكِيْدَتِهِ أَنْ يَمْنَحَ الْقَوْمَ سُبَّتَهُ. أَمَا واللهِ إِنِّي لَـيَمْنَعُنِي مِنَ اللَّعِبِ ذِكْرُ الْـمَوْتِ، وَإِنَّهُ لَيَمْنَعُهُ مِنْ قَوْلِ الْـحَقِّ نِسْيَانُ الآخِرَةِ، إِنَّهُ لَمْ يُبَايعْ مُعَاوِيَةَ حَتَّى شَرَطَ لَهُ أَنْ يُؤْتِيَهُ أَتِيَّةً([6])، وَيَرْضَخَ لَهُ عَلَى تَرْكِ الدِّينِ رَضِيخَةً([7]).

 


[1] ـ رواه بألفاظ متقاربة ابن قتيبة (ت 276) في عيون الأخبار 1: 164 في أخبار الجبناء عن أبي المنذر عن زيد بن وهب، والبلاذري (ت 279) في أنساب الأشراف 2: 381، والثقفي (ت 283) في الغارات 2: 513، وابن عبد ربّه (ت 326) في العقد الفريد 4: 312، والشيخ الطوسي (ت 460) في الأمالي: 131 ح 208 قال: «أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبو عبيدالله محمّد بن عمران المرزباني، قال: أخبرني الحسن بن عليّ، قال: حدّثنا أحمد بن سعيد، قال: حدّثني الزبير بن بكّار، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد». وأورد ابن الأثير (ت 606) غريبه في النهاية وفسّره.

[2] ـ تلعابة: كثير اللعب.

[3] ـ المعافسة: المعالجة والمصارعة، والممارسة نحوه.

[4] ـ يُلحف: يلحّ في السؤال.

[5] ـ الإلّ: العهد.

[6] ـ الأتيّة: العطية.

[7] ـ رضخ فلان لفلان من ماله: إذا أعطاه قليلاً من كثير، والاسم الرضيخة.